التحول الحضري في مدن ما بعد الاستعمار: دمشق نموذجاً #0
- Ezzat Baghdadi
- 15 أبريل
- 2 دقائق قراءة
تاريخ التحديث: قبل 6 أيام

هذه المقالة هي عبارة عن مقدمة وكجزء من سلسلة "التحول الحضري – في الدول التي شهدت استعماراً: دمشق نموذجاً"، التي تسعى لتفكيك البنية التاريخية والسياسية للتحول الحضري في دمشق، كنموذج معبّر عن أزمات مدن الجنوب العالمي.
لماذا دمشق؟
الظواهر العمرانية التي نراها في دمشق ليست استثناءً، بل تعبير عن أزمة ممتدة في معظم مدن الجنوب العالمي. من بيروت إلى مومباي، من القاهرة إلى مانيلا، تتكرر أنماط التحوّل ذاتها: توسّع عمراني غير متوازن، تهميش للريف، تحويل الأرض إلى سلعة، وغياب العقد الاجتماعي في تخطيط المدينة.
في دمشق، تتكثف هذه التحولات بسبب تعقيدات التاريخ، الصراع، والإرث الاستعماري. في الغوطة، حيث كانت الزراعة تُدار كعُرف اجتماعي قبل أن تتحول إلى بند تنظيمي، بدأ الشرخ الحضري العميق. هناك انكسر التوازن بين المدينة ومحيطها، وبدأت دورة الفقد: فقد الغطاء النباتي، الأعراف، العدالة التوزيعية، والدور التاريخي للريف كرافعة اقتصادية وأخلاقية. هذا الانفصال، الذي بدأ مع سياسات ما بعد الاستعمار وتعمّق مع المركزية البيروقراطية، أنتج مدينة غير مكتملة – تتضخم عمرانياً بينما تتقلص اجتماعياً.
عن السلسلة
تهدف هذه السلسلة إلى تفكيك البنية العمرانية والسياسية للتحول الحضري في دمشق كنموذج يعكس أزمات أوسع في مدن الجنوب. من خلال تتبع العلاقة بين المدينة والريف، وبين الرسمي وغير الرسمي، وبين العمران والسياسة، نعيد طرح السؤال الجوهري: هل يمكن إعادة بناء المدينة دون إعادة بناء العقد الاجتماعي الذي يربط سكانها ببعضهم وبالدولة؟
ما الذي سنطرحه السلسلة؟
سنتناول في الحلقات القادمة قضايا مثل:
العشوائيات كأداة مقاومة أم كمساحة إقصاء؟ وكيف يمكن أن تتحول هذه المناطق من بؤر تهميش إلى مساحات للتفاوض، وإعادة تشكيل العلاقة بين السكان والدولة؟ هل العشوائيات مجرد نتيجة لفشل التخطيط، أم أنها نتاج ذكي للتكيّف مع الفقر والعجز المؤسساتي؟ وإلى أي مدى لا تقتصر ملامح الاقتصاد غير الرسمي على هذه المناطق فحسب، بل تشمل أيضًا أحياء مخططة رسميًا تستند في بقائها إلى بنى اقتصادية غير مرئية: عقود إيجار غير موثقة، ورشات غير مرخصة، وخدمات تُقدَّم خارج الإطار الرسمي للدولة؟
كيف أُعيد إنتاج النخب من خلال التخطيط العمراني؟ وما الذي يجعل من "إعادة الإعمار" أداة لإعادة ترتيب الولاءات بدلًا من إصلاح المجال العام؟
أي دور لعبته سياسات ما بعد الاستقلال في إعادة تشكيل الطبقات الاجتماعية؟ وكيف أسهمت النُظم الاشتراكية المُمركزة ثم الليبرالية المحسوبة في توسيع الهامش بدل إغلاقه؟
ولماذا لا يمكن فصل أزمة السكن عن أزمة الشرعية السياسية؟ وما العلاقة بين توزيع الأرض وخرائط النفوذ والسيطرة؟
دمشق كعدسة نقدية
دمشق، رغم تفردها التاريخي، ليست استثناءً. ما تشهده من صفقات تعويض وهمية، وخرائط غير قابلة للتطبيق، وهجرات معكوسة نحو الأطراف، هو صدى لما تعانيه بيروت، والخرطوم، والقاهرة، والدار البيضاء. لهذا نبدأ من دمشق، لنطرح الأسئلة التي تتجاوزها.
هذه المقالة تُشكّل حلقة تمهيدية من سلسلة تحليلية مفتوحة. ندعوك لمشاركة أفكارك، وإعادة نشرها إذا وجدت فيها قيمة. للمزيد من الحلقات:
Comments